القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الأخبار

القضاء الشرعي ومال اليتيم

 

مقال:

القضاء الشرعي ومال اليتيم
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور أيمن خميس حماد رئيس محكمة رفح الشرعية
الحمد لله القائل: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ)، والصلاة والسلام على من أُطلق عليه يتيم أبي طالب، وبعد:
لقد أولى الإسلام الأيتام اهتمامًا بالغًا، وجعل رعايتهم والاهتمام بهم سببًا رئيسًا لدخول الجنة كما في الحديث عند البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى)، ومن هذا المنطلق أولى القضاء الشرعي اهتمامًا بالغًا في الأيتام ورعاية مصالحهم لا سيما المالية منها إيمانًا من القائمين على القضاء الشرعي بأن هذا العمل يعدل الجهاد في سبيل الله عزّ وجَل كما في الحديث عند البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ).
لذلك كان لتعيين الولي أو الوصي على مال اليتيم شروط لا بد من توافرها قبل تثبيت ولايته أو تنصيبه وصيًّا ومنها.
1– الإسلام: فلا تثبت ولاية لغير المسلم على المسلم لقوله عزّ وجل في سورة النساء : "وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا(141)".
2- التكليف: أي البلوغ والعقل، فلا ولاية للمجنون ولا للصغير، لأنه لا ولاية لهما على أنفسهما، فلا تكون لهما ولاية على غيرهما.
3 - العدالة: أي الاستقامة على أوامر الله واجتناب نواهيه، فلا ولاية للفاسق؛ لأن فسقه يجعله متهمًا في رعاية مصالح غيره.
4 - القدرة على حفظ مال اليتيم: فيكون ذو خبرة في إدارة الأمور المالية بحنكة وأمانة، وهي لا تتحقق مع من لا خبرة له.
5 - ألا يكون سفيهًا مبذرًا محجورًا عليه: لأنه لا يلي أمور نفسه، فلا يلي أمور غيره.
ولم يكتف القضاء الشرعي بوضع هذه الشروط والقيود؛ بل عمل على إتاحة الرقابة عليها لعامة الناس، فأتاح المجال لكل مسلم يرى تعديًّا على مال الأيتام أن يتقدم بدعوى حسبة لوجه الله تعالى، وأعفى هذا المتقدم من دفع الرسوم المقررة في الدعاوى كونه تقدم بها حسبة لوجه الله تعالى.
كما أنه لم يعط المدعي الحق في ترك دعواه وقتما شاء كحق له في غيرها من الدعاوى، بل نصّب من يقوم بمتابعة هذه الدعوى حتى الانتهاء منها تحريًّا للحقيقة، وحتى لا يكون هناك تواطؤ بين الخصوم على ترك مثل هذه الدعاوى وأكل أموال الأيتام، وأطلق يد القاضي في مخاطبة البنوك والجمعيات الخيرية والمؤسسات الحكومية لمعرفة الأموال التي صُرفت باسم اليتيم.
كما أنه قنن النفقات، وأرشد إلى استهلاك المال الخاص بالأيتام، فمنع الصرف الشهري إلا بحجة نفقة قاصرين، يخبر فيها ثلاثة من المكلفين على مقدار النفقة المطلوبة، مقيّدًا ذلك بتوقيع قاضي المحكمة الشرعية الابتدائية ومصادقة رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعيّ عليها، وألّا تكون سارية المفعول إلا لسنة واحدة فقط.
كما أنه غلّ يد القاضي الابتدائي عن السماح بصرف مبلغ يتجاوز (500) الخمسمائة دولار أمريكي إلا بعد رفع هذا الطلب للمحكمة العليا للبت فيه، مع إرفاق الأسباب التي قُدّم هذا الطلب من أجلها.
كما أنه شدّد في موضوع البيع والشراء من مال الأيتام إلا لمصلحة محققة لهذا اليتيم، وأن تتحقق هذه المصلحة من خلال المتابعة من قبل صندوق الأيتام الذي يرفع تقريره للمحكمة الابتدائية التي عن رأت فيه المصلحة والخير لليتيم رفعته لمقام محكمة الاستئناف والتي بدورها ترفعه لمقام المحكمة العليا.
ورغم هذا الحرص وهذه المتابعة إلا أن الناظر إلى أحوال كثير من الأولياء والأوصياء يجد تعديًّا صارخًا على أموال الأيتام، من خلال العديد من الصور.
العلاقات العامة والإعلام
المجلس الأعلى للقضاء الشرعي

تعليقات